|
المهرجان الرابع للفيلم القصير المتوسطي بطنجة 2006 افـتتـاحيـــــة
نسيان الزمـن
ترومان كابوط*
تسألني عن طنجة؟ إنها على بعد يومين من مرسيليا بالباخرة، تعيش خلالها رحلة بحرية رائعة تحاذي خلالها الباخرة شواطىء إسبانيا الأخاذة. وإذا ما كنت ترغب في الإفلات من متابعة أو مطاردة ما، أو في الانفلات من شراك النفس، فلا تتردد، وتعال إلى هنا.
فهذا المرتفع الشامخ الأبيض الذي تتوِّجه التلال والربى، المواجه للبحر، والذي يشكل منتهىً للسواحل الإفريقية هو مدينة دولية ذات مناخ رائق ثمانية أشهر في السنة، من مارس حتى نونبر. مدينة شواطئها رائعة، عبارة عن مساحات نادرة من الرمال ناعمة كمسحوق السكر، وصخور بارزة مطلة على البحر. وإن كانت لديك ميول للسهر فالحياة الليلية فيها تمتد من الأصيل إلى بزوغ الفجر، بالرغم من أنها ليست بريئة كل البراءة ولا متنوعة بالغ التنوع. وهو ما يجعل قيلولة معظم الناس هنا، التي تمتد طيلة العشية، أمرا غير ببالغ الغرابة. أما ما عدا هذا، فكل شيء في طنجة غريب؛ وقبل الرحيل عليك الانتباه جيدا لثلاثة أمور: أخذ لقاح ضد الحمى التيفية، سحب كل ما وفرته من أموال، وتوديع جميع أصدقائك. فالله وحده يعلم إن كنت ستراهم مرة أخرى. وأنا جاد هنا في كلامي. فالمسافرون الذين حلوا بالمدينة لفترة قصيرة وأقاموا بها، ثم تركوا السنين تتوالى، عددهم يفوق التصور. فطنجة فضاء يطوقك، ومكان خارج سطوة الزمن. تنزلق الأيام متوالية عليك من غير أن تنتبه لها كما لو كانت رغاء زبد على شلال. وأنا أتصور أن الزمن يجري في الأديرة من غير أن يحس به أحد، سائرا على رؤوس الأصابع. بل إن طنجة والديْر لهما نقطة مشتركة أخرى، تتمثل في الاكتفاء الذاتي
خواطر الأسفار 1949
من أكبر كتاب الولايات المتحدة الأمريكية ترجمة عن الفرنسية
|