المهرجان الوطني الثامن للفيلم بطنجة 2005 افـتتـاحيـة
لغـز طنجـة
بقلم خوان غويتيصولو
لقد اجتذب "غموض" طنجة في القرنين الأخيرين الأنظار الفضولية والمتلهفة لحلقة من الرسامين والروائيين والسينمائيين والشعراء الذين قدموا من مختلف أصقاع الأرض، وهو ما أغنى فراشيهم وأقلامهم ومغنط بوصلة مخيلاتهم. فالمدينة القديمة- بمنعطفاتها ومنعرجاتها - والقصبة، والأسواق، والبازارات، والفنادق الشعبية، شكلت، على بعد بضعة كيلومترات من أوربا وعلى مرمى حجر منها، عالما مرقشا وغريبا توجه أولئك نحو بريقه مثل فراشات مبهورة. لقد تشكلت أعمال عظيمة سواء في الرسم أو في الأدب نتيجة ذلك الافتتان الذي مارسته إسبانيا على الرحالة الرومانطيقيين الفرنسيين والانجليز، ومارسته طنجة على زمرة واسعة من الأجانب...
مع ذلك لاتستسلم جاذبية طنجة ولا أصالتها أمام كل ذلك التناقض والإهمال، وهو ما يعتبر أمرا معجزا : فشفافية الهواء، وتراكب سطوح المدينة القديمة البيضاء إذا شوهدت من الشواطئ أو أحيط بها من مرصد القصبة، ومشهد مقهى "الحافة" العظيم، كل ذلك احتفظ بكامل قوته وتأثيره الذي لا نظير له. وبينما تعمد التفاصيل والمشاهد الجزئية إلى التنديد بالقذارة والإهمال... فإن المجموع يبدو رائعا، تلك مفارقة تبلغ حل الإعجاز. قلت لنفسي : لعل هذا الإعجاز هو لغز طنجة الأصيل.
ترجمة إبراهيم الخطيب
|
|